بسم الله الرحمن الرحيم
حبيت اننقل اليكم روايه وايد روعه عن الامام السجاد عليه الصلاه والسلام
بس بنقلها اليكم على شكل اجزاء لا شوي طويله
الجزء الاول :
التوجّه نحو النور
لاحت من بعيد « ثَنيّات الوداع » والقافلة المحمّلة بكنوز كسرى
تشقّ طريقها بجلال تحرسها خيول ودروع.
كانت الشمس قد بزغت كأنّها تستقبل العائدين أو لترى فتاة حملتها
الأقدار من أرض النار، كانت تُمعن في الفرار ولكن دون جدوى.
اقترب صحابيّ أراد أن يحادثها.. أن يقول لها كان سلمان يعيش في
المدينة وكان رجلاً من أهل البيت، كان يعيش في أرضكم ولكنّه
جاء يبحث عن النور ففرّ من النار.
تمتم أسفاً وودّ لو كان سلمان حاضراً، تمنّى لو أنه قد تعلّم منه
لغة أهل تلك الديار.
هبّت نسائم طيبة، فتذكّر حادثة قديمة لن ينساها يوم وصل رسول السماء
أرض طِيبة، فصدحت الفتيات يغنّين للبدر الذي أشرق في سماء المدينة.
حانت منه التفاتة فألفى بنت كسرى حزينة لَكأنّ وجهها المضيء
تغمره غيوم وغيوم.
تساءل في نفسه؛ تُرى ماذا سيكون مصيرها ؟! إنّها سبيّة على كلّ حال.
هذا هو منطق الحرب.
كان الموكب يقترب من المدينة. تمايلت سعفات النخيل، وهبّت نسائم
طريّة مشبعة برائحة الخضار.
تذكّرت بنت آخر ملوك ساسان قصورها المنيفة، وتعجبت أن تكون هذه
المدينة عاصمة الدولة التي لاتُقهر! كيف هزم هؤلاء الحفاةُ العراة
جيوشَ كسرى حتّى لم يتركوا لـ «يَزْدجُرد الثالث» مكاناً في خراسان
ولا في نيسابور ولا سرخس ولا طوس، وها هي الأنباء تطير في
الآفاق عن عبورهم « باب الأبواب » في بلاد الخزر، تأوّهت بحزن:
ـ آه! منتصر أنت يا هرمز.
المسجد يكتظ بالناس، وقد أشرفت عذارى المدينة يتطلّعن الى
ابنة الملوك، إلى جمال فارسي يختطف القلوب والأبصار.
كانت الفتاة تدرك ما سيحلّ بها، بعد قليل سوف تكون جارية
في بيت طيني من بيوت المدينة. تجمّعت الدموع في عينيها
كغيوم ممطرة، راحت تتصفح الوجوه المحدِّقة بها.. التقت عيناها
وجهاً أفتر عن ابتسامة أراد أن يبدّد عنها خوفاً غامضاً فقال:
ـ ما اسمك أيتها ؟
دُهشت لهذا الرجل الذي يتحدّث بلغتها..
أجابت باستحياء:
ـ ملكة النساء.
أراد الرجل الذي يشبه الأسد أن يمنحها اسماً جديداً فقال:
ـ شَهْربانو.
ابتسمت الفتاة وشكرت في أعماقها الرجل لهذه الهدية.
ما أجمله من لقب.. سيّدة المدينة.
سأل الرجل وقد أراد أن يكتشف ما تعلّمته من الزمان:
ـ هل حفظتِ عن أبيك شيئاً ؟
أجابت بلوعة:
ـ كان يردّد قبل مصرعة: إذا غلب الله على أمر ذلّت المطامع دونه
واذا انقضت المدّة كان الموت في الحيلة.
ابتسم الرجل الذي تنفجر الحكمة من جوانبه:
ـ ما أحسن ما قال أبوك، تذلّ الأُمور للمقادير، حتّى يكون الحتف في التدبير.
ساد الصمت ووقفت الفتاة تنتظر النهاية مستسلمة، ها هي الأقدار ترسم
الطريق من قمم الجبال الشاهقة الى الهاوية! من المجد والمُلك الى
السَّبْي والعبودية. كانت على وشك أن تُعرَض في الأسواق بعد
أن أمر الحاكم بذلك.
وقبل أن تخطو باتجاه النهاية ألقت نظرة رجاء على الرجل لعلّه يشتريها.
هفت الرجل معترضاً، رغم غضب الحاكم:
ـ لايجوز بيع بنات الملوك.
تذكّر الصحابة كلمات قالها النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم يوم وقعت
سفّانة ابنة « حاتِم الطائيّ » في الأسر: ارحموا عزيزَ قومٍ ذَلّ.
لقد نسيها الجميع، وها هو أخو النبيّ يذكّرهم بعد تطاول الأيام.
ـ وما هو الحلّ إذن ؟! تساءل الحاكم حنَقاً.
ـ أعرُض عليها أن تختار رجلاً من المسلمين يتزوّجها، ويُحسَب
مهرها من عطائه.
تصاعدت صيحات الاستحسان من زوايا المسجد. كانوا بشوق الى
ملكة فارس، تُرى مَنْ ستختار؟! إنّها على كلّ حال تمثّل أُمّة كانت
تحكم نصف العالم ذات يوم.
وراحت ابنة كسرى تبحث عن رجل تلوذ به، تتأمّل الوجوه تبحث
عن الإنسان.. تبحث عمّن يهبها رحمة الأب ودفء الأُمّ.
واستقرت عيناها على شابّ أقنى الأنف، كأن عينيه نافذتان
تطلاّن على عوالم تزخر بالنور والصفاء والحريّة؛ فأشارت اليه.
هتف بعضهم إعجاباً:
ـ ما أحسن ما اختارت! وهل هناك من هو أشرف من سبط
محمّد وابن سيّد العرب.
قال سيّد العرب لابنه وقد تذكّر نبوءةً سمِعها من رسول السماء:
ـ لَيلِدنّ لك منها صبيٌّ هو خير أهل الأرض
تحياتي
لجين